حذَّر مبعوث الأمم المتحدة لدى سوريا، ستافان دي مستورا من أن تحقيق الأسد للنصر العسكري الشامل، بدلاً من التفاوض على اتفاق للسلام، سيعرّض سوريا وأوروبا لطفرة جديدة من الإرهاب كما هو الحال في العراق.
وفي لقاء صحفي مع صحيفة الغارديان في لندن، قبل اجتماعه مع أعضاء وزارة الخارجية البريطانية، قال دي مستورا إنه من غير المُرجح أن يقوم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي بتغطية التكلفة الضخمة لإعادة إعمار سوريا، وذلك في حالة فرض تسوية بالشروط التي وضعها الأسد.
وقال دي مستورا “التركيز على النصر العسكري فقط، سيؤدي إلى انتصار باهظ الثمن، تتبعه حرب للعصابات. ستكون تلك الحرب طويلة المدى وذات حِدَّة منخفضة، ولكنها في الوقت ذاته ستكون مؤلمة للغاية، وسيستمر موت المدنيين السوريين على كل حال”.
وأضاف دي مستورا “ستخلق مساحة سينضم إليها المزيد من أعضاء تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في غضون 3 أشهر. ولن نتمكن من كسب أولئك الأشخاص إلى صفوفنا ما لم يَكُن هُناك حل سياسي”.
نصائح لترامب
سيتم النظر إلى تحذيرات دي مستورا على أنها نصائح دبلوماسية معتدلة وموجّهة إلى الإدارة الجمهورية القادمة لدونالد ترامب، موضحاً أن سياسة التوجه إلى سوريا مع التركيز على التدمير العسكري لداعش فحسب، سوف تفشل في التوصُّل إلى تسوية دائمة، هذا بالإضافة إلى أنه من المرجح أن يكون هناك تحالف فعلي ما بين روسيا والأسد، كما أشار ترامب.
وأضاف دي مستورا، وهو أحد الدبلوماسيين الأكثر خبرة في العالم “تُعَد مكافحة الإرهاب أمراً بالغ الأهمية، وهو أمر حيوي وعاجل وهام بالنسبة للجميع. وهذا هو ما سيتفق عليه الجميع إن سألت أحد المارة في شوارع واشنطن أو باريس أو لندن أو إسطنبول أو موسكو”.
وأردف قائلاً “ولِذا، فإن الوصول إلى وجود نهج مُشترك ما بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية حول كيفية التعجيل بالمعركة ضد داعش وجبهة النصرة، هو أمر مُرحب به. ولكن القتال يختلف كثيراً عن تحقيق النصر.
ولابد من أن يكون لديك نهج سياسي واضح يشمل أولئك الذين يشعرون بالحرمان -وهم السُنة- لكي تتمكن في النهاية من إلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية”.
وأضاف “وهذا هو ما حدث في العراق بالضبط. إن لم تخاطب حرمان القبائل السُنِّية من حقوقها، فسيكون لديك حينها مساحة مفتوحة لأشخاص مختلفين مثل زعيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي”.
“وينطبق الأمر ذاته على سوريا؛ إن لم تكن لديك عملية سياسية شاملة، فسوف نشهد انضمام المزيد من الأفراد إلى تنظيم الدولة الإسلامية في غضون ثلاثة أشهر”.
إعادة الإعمار سيكلفنا ثروة ضخمة
وفي حديثه عن تكلفة إعادة إعمار سوريا الذي جاء بعد انتهاء القتال، قال دي مستورا “إعادة بناء سوريا سيكلفنا ثروة ضخمة. ولن تتمكن أي من الدول من تغطية تكاليف الإعمار”.
وأضاف دي مستورا “بالطبع لن تقوم بذلك روسيا أو الولايات المتحدة أو إيران. ومن المُرجح أن يتكفل بها البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي: أحد الأسباب ترجع إلى أن التكلفة ستكون أقل بالنسبة للاتحاد الأوروبي، مُقارنة بتكلفة مواجهة موجة أخرى من اللاجئين، ولكن الاتحاد الأوروبي لن يُقدم على الأمر فقط لمجرد انتهاء الحرب، ولكن لأن البلد استقرّت من خلال عملية سياسية ذات مصداقية”.
وأكمل دي مستورا حديثه نافياً انهيار عملية السلام، أو تعليقها حتى لحين الانتهاء من تنصيب ترامب رئيساً في 20 يناير/كانون الثاني القادم، وقال إن خطته التي تتضمن رفع الحصار عن شرق حلب، والتي أُعلن عنها الشهر الماضي، لا تزال قيد المناقشة من قِبَل القوى الإقليمية، وقد تتمكن تلك الخطة من منع عملية التدمير الشامل للمدينة واستسلامها، وهو الأمر الذي توقع دي مستورا أن يكون “دموياً وعنيفاً وسيتسبب في خلق مأساة إنسانية”.
وقال المبعوث الخاص بالأمم المتحدة في نهاية حديثه، إنه لا يزال راغباً في مغادرة مجموعة الـ900 مُقاتل المنتمين لجبهة فتح الشام لحلب والاتجاه لمدينة أخرى، ارتبطت تلك المجموعة سابقاً بتنظيم القاعدة، وعُرفت باسم جبهة النصرة.
وفي الوقت ذاته، فإن الحكومة السورية ستوافق على الاعتراف بالإدارة السياسية الحالية المُناهضة للأسد في شرق حلب، والتي يقودها بريتا حاجي حسن، رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب. وستوافق أيضاً على ترك زمام أمور السلطة إليهم، على الأقل على المدى القصير، في غضون عملية إنهاء الحملة الجوية.