عبد الحميد درويش، سياسيّ كردي عتيق، سكرتير «الحزب الديموقراطي التقدّمي الكردي» وصديق الرئيس العراقي جلال الطالباني وحليفه منذ بدايات انطلاق «الاتّحاد الوطني الكردستاني». شاركَ في «الحركة الكرديّة السوريّة» مُنذ تأسيسها عام 1957، وحاوَر النظام السوري في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، فاتُّهم بالانحياز إليه.
ولمّا طلبه الرئيس بشار الأسد لاستشارته في شأن الخطوات المُمكن اتّخاذها إزاء الأكراد في ظلّ الأزمة السوريّة، رفضَ درويش مُقابلته، مُعلناً انحيازه الكامل للثورة.
وعندما سألته “الجمهورية” عن السبب الذي دفعه إلى اتّخاذ هذا القرار، قال إنَّ “البعثيّين استهتروا بالشعب السوري وأصابهم الغرور، ورفضوا قراءة أسباب انتفاضة الشعب السوري، وانّ غرورهم فاقَ غرور الفراعنة”.
وأضاف أنّ “النظام أراد فصل الأكراد عن سوريا وثورتها، فرفضتُ ذلك شخصيّاً، وانضممتُ إلى الشعب السوري، لأنّني أحلم بسوريا تعدُّدية ديموقراطيّة تكون لجميع أبنائها العرب والأكراد والآشور والسُنّة والعلويّين والمسيحيّين، لأنّ الشعب واحد”.
وكشفَ درويش لـ”الجمهورية” أنّ “الأكراد يُحاولون حاليّاً الاستيلاء على شركة النفط السوريّة وحقوقها في منطقة رميلان الواقعة ضمن نطاق المناطق الكرديّة، لحرمان النظام من أكبر مصادر دَخله والتعجيل في إسقاطه”.
«الأكراد مُعتدلون»
إلّا أنّ نبرة درويش عالية حيال التنظيمات الإسلاميّة المُشاركة في الثورة السوريّة، لأنّ “الأكراد مُعتدلون ولا يُشجِّعون على التطرّف”، على حدّ قوله.
وهو تحدّث عن تحالف بين الأقلّيات بسبب خوفها في ظلّ إمكان سيطرة إسلاميّين مُتطرّفين على البلاد، ورفضهم الاعتراف بحقوق الأقلّيات، ودعوتهم إلى ذوبانها في بحر أكثري إسلاميّ مُتطرِّف.
ففي مصر على سبيل المثال، لا يرى درويش أيّ فارق بين جماعة “الإخوان المُسلمين” والديكتاتوريّات التي يَشكو الشعب من حُكمها. أمّا في سوريا، فلفت إلى أنّ “المُقاتلين الإسلاميّين شكّلوا في مُحافظة دير الزور، شرق البلاد، الهيئة الشرعيّة للمنطقة الشرقيّة التي تتولّى شؤون المواطنين، وحاولوا دخول الشمال الكردي لفرض أفكارهم ومُمارساتهم”، مُتسائلاً: “ماذا يُريد الإسلاميّون؟ هل يريدون أسلمتنا؟ نحن الأكراد مسلمون بالفطرة ونساؤنا مُنفتحات ويتزعّمن العشائر”.
حلّ القضيّة الكرديّة
وشَدّد درويش على أنّ “الأكراد جزء من سوريا، والقضيّة الكرديّة جزء من القضايا السوريّة العامّة، وحَلّها يجب أن يكون ضمن الحلّ الديموقراطي العام. وعلى الكردي أن يكون منسجماً مع انتمائه إلى سوريا الوطن”، مُعتبراً أنّ “عَزل القضية الكرديّة عن القضيّة السوريّة العامّة هو انتحار للأكراد”.
وأشار إلى أنّ “الرئيس بشّار الأسد عَجز خلال 13 عاماً في الحُكم عن حَلّ مشاكل بلاده، وكُلّ ما أنجزه هو تدميرها بحرب مجنونة مجهولة الأبعاد. وقد اختار لنفسه تأدية دور نيرون، ولكنني أذكِّره بأنّ نيرون مات بينما روما لم تمُت، وبأنّ أوان رحيله عن الحُكم قد آن، إمّا بالتفاهم أو بإسقاطه”.
ووجد درويش صعوبة في تقييم نتائج الثورة السوريّة، وقال: “هي لم تعُد ثورة الشعب السوري بعدما دخلت جبهة النُصرة على الخطّ، وهي أحد التشكيلات الغريبة بالنسبة إلى الشعب، ونحن نجهل ما قد تشهده سوريا في قابل الأيّام”.
أحداث رأس العين
وعن الأحداث التي عاشتها منطقة رأس العين، أوضحَ أنّ “هذه المنطقة الكرديّة دخلتها مجموعات: نسور الجزيرة، غرائب الشام، أحفاد النبي وجبهة النُصرة. ونحن لا ندري سبب تدفُّقها إلى هذه المنطقة، فهل أتت لتطهيرها من أهلها؟ فمجموعة “أحفاد النبي” مثلاً سرقت البيوت، فهل هذه المجموعات هي التي ستُحافظ على الثورة وشعبها؟”.
وشدّد على أنّ “الحَلّ في رأس العين يكمُن في تشكيل إدارة مدنيّة من جميع سُكّانها لإدارة المنطقة، وعلى الأكراد المُشاركة فيها، ونحن نرفض القتال بين القوّات النظاميّة السوريّة والجيش الحُرّ والجماعات الإسلامية في مناطقنا الكردية، فنحن الأقدر على الدفاع عن مناطقنا”. وقال: “لقد عانى الأكراد طويلاً من نظام “البعث”، ونحن نرفض المُعاناة التي قد يُسبّبها “أحفاد النبي” أو غيرهم من الجماعات الإسلاميّة المُتطرِّفة (…) نحن ضدّ أي تسوية للأزمة ستتمّ على حساب الشعب السوري، ونُصِرّ على إسقاط نظام الأسد”.
خلاف
وعن الخلاف بين الأكراد و”المجلس الوطني السوري”، قال درويش: “حاول الرئيس السابق للمجلس عبد الباسط سيد المجلس اختصار تمثيل الأكراد بشخص غير مُنتمٍ للأحزاب الكرديّة، وكان موفقه سلبيّاً تجاه القضيّة الكرديّة، بعكس موقف الائتلاف الوطني السوري الذي التقيتُ رئيسه أحمد معاذ الخطيب، وهو صادق ووطني وموقفه من القضية الكرديّة إيجابي، ويعمل على إعادة ضمّ الأكراد إلى الائتلاف وفقَ أجندة واضحة ترسم خريطة طريق نحو احترام الحقوق الكرديّة ضمن سلّة مُتكاملة لحقوق الشعب السوري”.
جريدة الجمهورية اللبنانية