قراءة في كتاب
(( جكرخوين… من عمق المأساة إلى فضاء الإنسانية ))
قراءة : فارس عثمان
صدر حديثاً كتاب (( جكرخوين… من عمق المأساة إلى فضاء الإنسانية ))
للأستاذ: حسن جنكو
كتاب جكرخوين من عمق المأساة إلى فضاء الإنسانية ، بحث ودراسة أدبية لبعض جوانب سيرة حياة الشاعر جكرخوين ومواقفه القومية والاجتماعية والوطنية والإنسانية.
تبدأ الدراسة بإعطاء لمحة موجزة عن جغرافية وتاريخ كردستان وواقع الشعب الكردي المجزأ بين أربعة دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا، الذي يعاني في كل هذه الدول ” الاضهاد والظلم والحرمان والفقر والجهل. ويستدل على ذلك بشواهد من دوواين الشاعر الثمانية: كقصيدة “ Sitemkariya dijmin ظلم العدو – وقصيدة ey Welat أيها الوطن – وقصيدة Pîra Torê عجوز منطقة جبل طور “.
بعد ذلك يلج الباحث إلى سيرة وحياة الشاعر بصورة ولغة أدبية متماسكة حيث يسلط الضوء على معاناته منذ نعومة أظافره وحاله التي لا تختلف عن حال بقية أبناء شعبه. حيث الاضهاد والظلم والحرمان والفقر والجهل والأمية،ثم يتوقف عند قصيدته المشهورة ” Cihê xwendina min- أماكن دراستي ” ويقوم بترجمتها بالكامل إلى اللغة العربية ليكتشف القارئ ما لاقاه الشاعر من مشقة وعناء حتى حصل الإجازة الشرعية في العلوم الدينية – وحصل على لقب الـ ملا .
بعد ذلك يتوقف عند نضال الشاعر السياسي الذي بدأه مبكرا من خلال فصل خاص تحت عنوان ” في ميدان السياسة ” ليسلط الضوء على مفاصل هامة في سيرة الشاعر الذي حمل الهم القومي خلال حياته الطويلة المفعمة بالعطاء والمواقف الجريئة ضمن صفوف الحركة الشيوعية في بداية مشواره السياسي، ومن ثم ضمن صفوف الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، حيث أصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب عام 1958م، وبقي ضمن صفوف الحزب وممثلا له في الدول الأوروبية حتى وافته المنية في 22 تشرين الأول عام 1984.
ثم ينتقل الباحث إلى التوقف مطولا عند ابعاد “رسالة الشاعر جكرخوين” القومية والإنسانية الذي ربط مصيره بمصير شعبه الكردي والإنسانية جمعاء، من خلال ثلاثة فصول متتالية هي (( عقد مع الذات – الحرية الذبيح – النزعة الإنسانية )) بحيث يرى سعادته في سعادة شعبه وشقاءه في شقائه (ويذهب الباحث إلى القول أن جكرخوين كان يحرق نفسه كي ينقذ شعبه من الاضطهاد والظلم ) ولأنه كان يعي تماماً أن سبيل الخلاص يكمن قبل كل شيء في التخلص من الجهل والأمية والتخلف والعادات والتقاليد البالية،للإرتقاء إلى مستوى شعوب العالم ، لذلك تطرق إلى كل ذلك في اكثر من قصيدة أشهرها قصيدته المشهورة Xwendin nebî kes naҫê pêş من دون دراسة يسود التخلف، ومن أجل إيصال أفكاره لأكبر شريحة من ابناء شعبه اختار مفردات وعناوين بسيطة ومفهومة مع أمثلة كردية، أو حكم ومحاورات على لسان الحيوانات.
عدا الجانب السياسي توقف الباحث الاستاذ حسن جنكو عند موضوع المرأة والطفل في شعر جكرخوين حيث رفض واقع الاضطهاد والحرمان والجهل في حياة المرأة ودعاها إلى تبوء مكانتها الطبيعية في المجتمع والنضال مع الرجل كتفاً لكتف كامرأة أولاً وكشريكة للرجل في مهامه النضالية والاجتماعية، فكتب مجموعة كبيرة من القصائد منها keҫê Rabe انهضي أيتها الفتاة، للإشادة بدورها في النضال السياسي والاجتماعي.
ويختتم الباحث دراسته بالتوقف عند أبعاد رسالة جكرخوين وهدفه الذي يتجلى في السلام والحرية والنزعة الإنسانية في مجمل نتاجاته ويستدل على ذلك بشواهد متنوعة منها Bila şer nebin. وللتأكيد على ما يذهب إليه يقارن بينه وبين بعض الشعراء كـ محمد مهدي الجواهري ومحمود درويش وأدونيس و نيرودا ، حيث يجمعهم الحس الإنساني والانحياز لنضال الشعوب ضد الظلم والاضهاد، ويقارن بين بعض مواقفهم من قضايا الشعوب الأخرى حيث يعتبرونها جزء من قضاياهم.
جدير بالذكر أن الدكتور فريد سعدون ” مدرّس مبادئ النقد ونظرية والأدب في جامعة الفرات ” قدم الكتاب للقراء حيث ألقى بعض الضوء على الجانب الفني في الكتاب ليؤكد أن هذه الدراسة (( بعيدا عن سلبياتها وايجابياتها تمتاز بقيمة حسنة لأنها تضيف جهدا طيباً في متابعة شعر جكرخوين وتقصي جمالياته ومحموله الفكري)).
و كتاب جكرخوين من عمق المأساة إلى فضاء الإنسانية ، بحث ودراسة أدبية لبعض جوانب سيرة حياة الشاعر جكرخوين ومواقفه القومية والاجتماعية والوطنية والإنسانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسن جنكو: كاتب وباحث كردي من سوريا – إجازة في اللغة العربية