قبل عامين كنت أعرف طريق بيتي وعملي وأولادي عرفوا طريق المدرسة والمحلات أمشي في طريقي أخاف من أصحاب البطاقة الموجودون هنا وهناك
وأمشي في طريقي بسلام حتى لا أقع في مشكلة لا نهاية لها وأدفع لفلان وفلان
وأمشي في طريقي وأنا قليل الكلام وأخفي مواجعي حتى لا أندم على ماقلته
وأمشي في طريقي أحمد الله وأشكره على رغيف الخبز وعلى ما أعطاني لأني إنسان قنوع كانت المسافات قريبة ولكن مشاغل الحياة أطولتها أمامي فيطول الطريق عند عودتي ولكن طوفان البعث أقدم علينا بكل ما يمتلكه ليسحق كل من ينادي للحرية لوطنهِ و شعبهِ ومن هنا أبحث عن طريقي فلا أجده لأعود إلى البيت.
وأبحث عن طريق مدرسة أولادي فلا أجده.
ولكن وجدنا أنفسنا ونحن نهجر بالمئات من بلادنا ونسير على طريق حاملين مأساة شعبنا على ظهورنا كل خطوة نخطيها بسنة من عمرنا وكأن لا نهاية لهذا الطريق وعند وصولنا رأينا قبب بيضاء ظننت أنه نهاية الطريق،فكانت خيمة صغيرة من نصيبنا ومع ذلك حمدنا الله وقلنا أنه مكان مؤقت ولا بد من العودة إلى الوطن.
ومرت الأيام و الشهور وأعدادنا في تزايد صارت بالآلاف وكأن أقامتنا ستطول هنا والطريق يطول معها.
وبدأنا نفقد الأمل عندما نرى عيون الأطفال تملأها الدموع من البرد وأيدي الكبار تتسابق على رغيف الخبز وعلى بطانية ليتدفء به وعندما يحين الصيف و الغبار والهواء الحار يطوف حولنا ومعه نحمدالله و نتمنى الخلاص عما قريب.
وبعده يأتي الشتاء تبدأ قلوبنا بالخوف من هطول المطر و الثلج اللذان هما دلالة الخير و الرحمة من الله من أن يغرق ما تبقى من طعامنا و كساءنا.
والريح القوية لترفع معها ما تبقى من الخيمة فنبقى في العراء لانملك إلا الدعاء لله لخلاصنا مما نحن فيه.
وعيني على الطريق لأرى كل يوم قصة عائلة قادمة محملة بالأوجاع و القهر
وعيني على الطريق لأرى مأساة شعباً يهجرو يشرد عنوة و قلبي حزين عليه وأعين العالم غافلة عما يجري ربما الأعداد غير كافية يريدون المزيد من القهر و الأضطهاد ياترى هل من مرجع إلى الوطن وهل من طريق لأعود به؟
وهل سأجد طريق العودة يوماً إلى الوطن؟