يمثل عيد رأس السنة البابلية الآشورية ( الأكيتو)، العيد القومي للشعب السرياني الآشوري، الذي دأب على الاحتفال به تعبيرا عن هويته القومية وعن عمق تجذره في موطنه الأصلي في سوريا وبلاد مابين النهرين، وتجديدا لإرادته ونزوعه للتحرر من كل أشكال القهر والظلم والإبادة التي تعرض لها عبر تاريخه الطويل.
ولم تتوقف تلك المعاناة عند حدود التاريخ، بل غدت إحدى سمات العصر الذي نعيشه، رغم كل ما قيل ويقال عن حماية الأقليات، وحقوق الشعوب الأصلية. ورغم كل الاتفاقيات والعهود التي أبرمتها أو رعتها الأمم المتحدة وغيرها من الدول التي تتحدث ليل نهار عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. فالسريان الآشوريون مثلهم مثل الكثير من الأثنيات والأقليات الدينية والعرقية واللغوية الأخرى مازالت تعاني في وطنها التاريخي من كل أشكال التمييز والاضطهاد والقهر والاقتلاع من الجذور حتى بات هذا الوجود مهدداً بالاندثار أمام نظر العالم المتحضر دون أن يحرك هذا العالم ساكناً من أجل الحفاظ بالحد الأدنى على وجود هذا العنصر البشري الذي يعتبر إرثاً حضارياً للعالم أجمع. ولنا في طوفان داعش وأخواتها بالأمس القريب ومازال ماثلاً أمامنا أبرز مثال على تخلي العالم المتحضر عن مسؤولياته، واكتفائه بالتفرج على مآسٍ إنسانية مروِّعة كان يمكن تجنبها لو جاء التدخل في وقته.
هذا ما حصل للسريان الآشوريين وللإيزيديين وغيرهم في سهل نينوى وسنجار والموصل في العراق. كما حصل في سوريا في قرى الخابور الآشورية وفي الحسكة والرقة ومعلولا والقريتين وحمص وأحياء أخرى في حلب. كما تأثر الوجود المسيحي عامة، والسرياني الآشوري بوجه خاص في مناطق أخرى مثل الدرباسية ورأس العين والقامشلي وديريك وقراها، وتناقصت أعدادهم بشكل كبير نتيجة الهجرة بعد تعرضهم لشتى أنواع الانتهاكات من قبل مختلف أطراف الصراع .
و في ظل استمرار نزيف الدم السوري، يبقى الحل السياسي وفق مرجعية جنيف وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وآخرها القرار 2254، الأسلوب الوحيد الكفيل بإنهاء المأساة السورية وتحقيق تطلعات الشعب السوري بالحرية وبناء النظام الديمقراطي العلماني وإذ تؤكد المنظمة الآثورية الديمقراطية دعمها لوفد المعارضة السورية المنبثق عن الهيئة العليا للتفاوض، وتأكيدها على أهمية تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية بالتوافق بين النظام والمعارضة كما ورد في بيان جنيف لعام 2012، لإدارة المرحلة الانتقالية وبشكل يكفل الحفاظ على مؤسسات الدولة وبناء الجيش الوطني القادر على دحر الإرهاب واستئصاله، فإنها في الوقت نفسه ترى في تغييب ممثلين عن السريان الآشوريين عن العملية التفاوضية اشارة سلبية لتكرار الغبن الذي عاشه شعبنا في وطنه لأجيال وعهود متعاقبة.
في الختام يسعدنا أن نتقدم بالتهاني الحارة لجميع السوريين في المقام الأول لأن هذا العيد هو رمز الحياة والتجدد والقيامة، وهذا ما تحتاجه سوريا اليوم. كما نهنئ شعبنا السرياني الآشوري في كل مكان ونخص منهم أولئك الذين مازالوا صامدين في أرض الوطن رغم كل المحن والمعاناة. ونأمل أن يكون أكيتو القادم عيداً وطنيا لكل السوريين ولجميع أبناء المنطقة، وقد عم الأمن والسلام ربوعها.
تحية لأولئك الرفاق الذين ناضلوا وتعرضوا لشتى أنواع القمع والتنكيل والاعتقال والتخوين في سبيل إحياء هذه المناسبة، والارتقاء بها لحالة قومية تتعمق في وجدان السريان الآشوريين أينما وجدوا وحيثما حلوا.
وكل عام وأنتم بخير.
سوريا في 1 نيسان 6766 آ
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي