لقد جاءت الزيارة الأخيرة للسيد مسعود البرزاني إلى بغداد بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح، وفي إطار تصحيح العلاقات بين الاقليم والحكومة الاتحادية، ولرأب الصدع الذي أصاب علاقات الطرفين في أعقاب الاستفتاء الذي أُجري في الاقليم في العام الماضي والموقف السلبي الذي اتخذته الحكومة الاتحادية منه، واستفحال الخلاف بين الطرفين الذي وصل إلى حد الصدام المسلح، الحقيقة إن مصلحة الطرفين تكمن في الحفاظ على علاقات سليمة صحية مبنية على بنود الدستور الذي وُضع بمباركة وموافقة كل الأطراف. فالإقليم إذا ما كان خارجا عن مظلة الحكومة الاتحادية يصبح موضع أطماع الدول والأطراف الاقليمية الأخرى المتربصة بالإقليم وبمكتسباته. حيث تعتبر تلك الأطراف التي لا تكن أي خير لكردستان وشعبها أية مكتسبات قومية حقيقية للكرد خطا أحمر وخطرا على أمنها القومي، وبالتالي لن تألوا أي جهد لإجهاض تلك المكتسبات وتخريبها. أما المركز فإن سوء علاقاته مع الاقليم لا بد أنه ينم عن خلل في العملية الديمقراطية وفي تطبيق الدستور وتفشي روح التعصب والشوفينية والتمييز العنصري مما يهدد مستقبل العراق برمته، ومن هنا فمن الأجدر بالطرفين المبادرة والإصرار على حل كامل النقاط الخلافية من خلال اللجوء إلى بنود الدستور الذي وُضع باتفاق جميع الأطراف وقرارات المحكمة الاتحادية بدلا من اللجوء إلى لغة العنف واستخدام القوة العسكرية، أو أية خيارات أخرى غير موفقة تلحق الضرر بشعب كردستان والشعب العراقي عموما، ولعل زيارة السيد مسعود البرزاني الأخيرة تأتي في هذا الإطار من ترطيب الأجواء وإعادة الثقة بين الجانبين.
أما المسألة الأخرى التي لا تقل أهمية عن العلاقات الصحيحة بين الاقليم والمركز فهي مسألة ترتيب البيت الكردستاني داخل الاقليم في هذه المرحلة الحساسة والحرجة، وإعادة إحياء الاتفاق الاستراتيجي بين حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، والتصرف وفق ما تمليه المصلحة القومية العليا لشعبنا الكردستاني ووفق ما تتطلبه العملية السياسية الديمقراطية، وعدم الاستفراد بالقرارات المصيرية، فإن من شأن وحدة الصف الكردي قطع دابر محاولات المتربصين بالإقليم وشعبه ومكتسباته، وإن ذلك سينعكس إيجابا وبكل تأكيد على مجمل القضية الكردية في كل مكان، فقوة الكرد في وحدتهم وفي التخلي عن الأنانيات الحزبية الضيقة حيث يقول المثل:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا