إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج :
أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا…
فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول الأقليمية كدول الجوار العربي و الخليج وخاصة تركيا التي حاولت جاهدة التمسك بمسارات التطورات الحاصلة في هذه البلدان عامة وسورية بشكل خاص ولتكون هذه التطورات لصالحها وذلك عن طريق فرض جماعة (الإخوان المسلمون )على المعارضة السياسية السورية ومساعدتهم في تسلم الحكم بعد انهيار نظام بشار الأسد ، وسعت تركيا وباستمرار إقناع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوربي وروسيا بجدوى استلام الحكم في سورية من قبل سياسيين إسلاميين (معتدلين )المتمثلين بالإخوان المسلمين لضمان الإستقرار في المنطقة ، ولكن الشعب السوري ومعه الشعب الكوردي و كافة القوى الديمقراطية والعلمانية في سورية سوف لن يسمح بنجاح محاولات النظام التركي في تحريف الثورة ، وتحريف مسارها.
ومن المرجح والمأمول أن تعتمد إدارة الرئيس الأمريكي الجديد(دونالد ترامب ) على الكورد كقوة عسكرية واحتمال زيادة المساعدات وبالتالي إنشاء علاقات سياسية واقتصادية معهم أي (الكورد )وإن نجاح هذه العلاقات أو فشلها تعتمد بالدرجة الأساسية على الكورد أنفسهم ، ومدى قدرتهم على استثمار هذه الظروف المساعدة لتحقيق حقوقهم القومية المشروعة كشعب يريد العيش بحرية وكرامة ، ولأن الظروف الحالية لا تسمح له أن يرتكب ذات الأخطاء الذي ارتكبه خلال تاريخه النضالي الطويل البعيد منه والقريب ، حيث لا يمكن تحقيق حلمه بالأساليب الكلاسيكية القديمة ، وبعقلية عبادة الأفراد وبالأيديولوجيات الجامدة ، وبالنظرة الحزبية الضيقة والتي لا ترى أبعد من انوفها ، بل تحتاج إلى ((قيادة جماعية وسياسية وعلمية وموضوعية ))تحدد من خلالها الأساليب النضالية الحديثة (حيث لا صديق دائم ولا عدو دائم )وتجيد سياسة المصلحة العامة للكورد بعيدة عن العواطف الجياشة والخطب الرنانة ، والوعود المعسولة الكاذبة ؛ وتولي الأهمية القصوى لتعدد مصادر الإعتماد سواء أكانت محلية أو اقليمية أو دولية شريطة تقبلها لتطلعات الكورد السياسية والإستراتيجية وطموحاته المشروعة في إقامة وبناء كيانه الكوردي أسوة بباقي شعوب المعمورة .
وكي لا نخرج من هذه التحولات المرتقبة( مرة أخرى )خالي الوفاض يترتب علينا نحن الكورد وفي كافة أجزاء كوردستان مسؤولية تاريخية كبيرة ، وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق والإتحاد الوطني الكردستاني وحزب العمال الكردستاني ، وطمر الخلافات الثانوية والهامشية ، والابتعاد عن الغرور والعنجهيات ، والدعوة وعلى وجه السرعة إلى طاولات حوار وبناء الثقة بين الأطراف الكوردية ومراجعة شاملة لمواقفها تمهيداً لعقد (مؤتمر قومي كوردستاني ) تحضره جميع القوى الفاعلة على الساحة الكوردستانية لتكوين مرجعية سياسية عليا تتبنى مشروعاً قومياً رائداً يتناسب والظروف التي تعيشها كل جزء من أجزاء كوردستان الأربعة ، وتمثل تطلعات الكورد المشروعة ، وإنهاء حالات الفوضى والانفلات ،وعلى مستوى عال من التنسيق والدقة والتعاون والاحترام المتبادل ، ووضع جميع الملفات الكوردية على طاولة البحث والمناقشة ، والخروج بقرارات ومبادئ تعيد للكورد هيبتهم واحترامهم ، وتستشرف آفاق المستقبل الكوردي وتضع الحلول والسياسات المناسبة والمعقولة لكل جزء من الأجزاء ، وتختار لجنة من المؤتمرين تكون مخولة تماما لتمثيل الكورد في جميع المحافل الاقليمية والدولية كاملة الصلاحيات ، وكسب الرأي العام العالمي ، واستغلال عطفه لما يبديه بيشمركتنا البواسل الشجعان وقوات (ypgوypj)الأبطال وتسطيرهم ملاحم بطولية في معاركه مع ((هولاكو العصر وحوش الأنسانية والحضارة ))المتمثلة ب(داعش )وأخواتها من القوى الظلامية والتكفيرية مثل(حزب اللات اللبناني وميلشيات الحرس الثوري الإيراني وعصائب أهل الحق العراقي وجبهة النصرة والحشد الشعبي وووو.. )والتي وصفت بأنها القوة الوحيدة التي تدافع عن العالم المتحضر ضد الهمجية والتخلف ، والاستفادة من تناقضات الدول الغاصبة لكوردستان وتسخيرها في خدمة أهدافهم القومية ، وماعداه سنكون أشد النادمين على ضياع هذه الفرصة التاريخية ، في وقت لا ينفع فيه الندم، وسنكون مسؤولين مسؤولية مباشرة أمام شعبنا وأجيالنا القادمة …..