الخيارات الكردية في الحرب السورية..

Share Button

1قد يتفق البعض مع هذا الرأي وقد يرفضه آخرون، لكن اليوم بات للأكراد في سوريا دور محوري في رسم معالم الحل والدولة المستقبلية. منحى جديد للصراع في سورية ترسمه معارك الشمال بين لجان الحماية الشعبية الكردية وجبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية، واليوم تقف الأحزاب الكردية أمام خيارات مصيرية.

الانفصال وتقسيم سورية
هجوم القاعدة على المناطق الكردية شمال سورية تزامن مع إعلان الأكراد عن مشروعهم للإدراة الذاتية، وأسفر عن سقوط مئات القتلى من الشيوخ والنساء والأطفال ناهيك عن المخطوفين، وهو هجوم خلط ليس فقط الأوراق السورية بل والإقليمية والدولية. يمكننا تفهم موقف الأكراد في ظل التطهير العرقي الذي تشهده سورية في الشمال بحقهم، وكذلك في الساحل بحق الطائفة العلوية المحسوبة على النظام لأن الرئيس بشار الأسد ينحدر منها.

لدى الأكراد اليوم جميع عوامل الانفصال عن السلطة المركزية في دمشق، لديهم القوى العسكرية والسيطرة الميدانية وكذلك تأييد شعبي وإن كان محدودا للإدارة الذاتية بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي في مناطق تواجدهم، لكن جميع هذه العوامل لا تكفي في ظل التموضع الإقليمي الحالي، فقرار الإنفصال بحاجة إلى توافق إقليمي وقبول دولي.

إقليميا لن تقبل لا تركيا ولا إيران ولا السلطة المركزية في العراق ناهيك عن رفض سوريا بالأمر، كما أن روسيا والصين والولايات المتحدة غير مستعدة للخوض في هذا الملف في ظل التعقيدات الإقليمية، مع العلم أن دولة الأكراد ستكون في كفة إسرائيل ومشروع تفتيت المنطقة كي تكون يهودية دولة الاحتلال طبيعية. كما أن البعد الإقتصادي للملف يشكل عاملا أساسيا في القضية، فسيطرة الأكراد اليوم على منابع النفط في منطقة الجزيرة السورية تنظم علاقاتهم مع السلطة المركزية في دمشق مع تأكيدهم على معارضتهم لحكم البعث العربي الذي أضر بحقوق الاقليات غير العربية في سورية، كما توجد عوامل مهمة تتمثل في عدم وجود منفذ بحري للأراضي التي يعتبرها الأكراد ملكهم، وهو عامل جيوسياسي مؤثر جدا، وعليه وفي ظل الحصار الذي ستفرضه تركيا من جهة الشمال والمعارك التي تدور جنوبا بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة فإن إقليم كردستان العراق سيكون المنفذ الوحيد للحكم الكردي في سورية.

رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني أعلن مؤخرا استعداده للدفاع عن أكراد سورية، وهذا أمر نتفهمه أيضا، لكن لو أخذت التطورات منحى الانفصال عن سورية فهل سيكون بمقدور البرزاني تقديم الدعم المطلوب ومواجهة دول عدة في المنطقة، إن مشروع الدولة الكردية قائم لدى أكراد سورية وأكراد الإقليم لكنهم يدركون أن الوقت الحالي ليس مناسبا، في حين أن المعارضة السورية تستغل هذا الموضوع من أجل تبرير هجومها على الأكراد وحصولها على تمويل المتطرفين في دول الخليج العربي.

التنسيق مع الجيش السوري
مع كل يوم جديد تواصل القاعدة عملية إبادة مكونات الشعب السوري تحت شعار الجهاد ومن أجل الإعلان عن إمارات إسلامية يقف الأكراد حجر عثرة أمامها بسبب بعدهم القومي قبل الديني، في حين أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية تقوم بتجاهل الموضوع، حيث أن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي قالت إن واشنطن لا تملك معلومات حول استهداف مسلحي المعارضة السورية مئات الأكراد في شمال سورية.

لجان الحماية الشعبية الكردية وممثلوها السياسيون اتهموا المعارضة السورية وما يعرف بالجيش الحر بالتواطؤ في عملية الإبادة التي تقوم بها الجماعات الجهادية وتقديم غطاء سياسي لهم، لذا فإن خيار التنسيق الكردي مع الجيش العربي السوري يعتبر بالنسبة للأكراد “أهون الشرين”، وذلك تزامنا مع حديث رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا، المحسوب سياسيا على السعودية، عن مبادرة يجري العمل عليها ضمن أجندة الائتلاف لتشكيل نواة جيش وطني سوري في شمال سورية وجنوبها، وللتخلص من أمراء الحرب والكثير من الإشكالات، وهي مبادرة يراها الأكراد غامضة واقرارا ضمنيا بان ما يعرف بالجيش الحر ليس إلا واجهة للأصولية المسلحة، لكن رغم ذلك هناك بعض التنسيق بين الجانبين من أهم بنوده موضوع الأسرى.

يولي الاكراد أهمية كبيرة لمقررات قمة مجموعة الثماني الكبار وتأكيدات موسكو المتكررة على ضرورة توحيد جهود الحكومة والمعارضة في سورية من أجل طرد الإرهابيين من البلاد، وذلك وسط حديثهم عن ازدواجية المعايير الدولية في إدانة العنف والإرهاب خلال الأحداث في سورية، فرغم التقارير والتوثيق لما يجري من إبادات عرقية في سورية اكتفت المنظمات الدولية بالتصريحات الرنانة وأنها ستعمل على التحقيق في القضية. هناك معلومات موثوقة تفيد بأن الأكراد بدأوا بتطبيق الدعوات الروسية لجهة التنسيق العسكري في سورية ضد الجماعات الجهادية والأجنبية والتي يقدر عديد مقاتليها بعشرات الآلاف، حيث يقول الأكراد إن سقوط النظام الحاكم في دمشق يعني عمليا أن القاعدة ستلتفت إلى تصفيتهم، لذا فإن وجود النظام الذي يحارب القاعدة أيضا يأتي في مصلحتهم التكتيكية على أن يتم معالجة البعد الاستراتيجي في “جنيف 2” حيث سيتم تمثيل الأكراد بوفد مستقل.

الأكراد والتهدئة مع الئتلاف
الأكراد هم الرابح السياسي الوحيد من تطورات الأزمة السورية، ففي جميع الأحوال هم سيحصلون على الإدارة الذاتية. لقد راهن الأكراد على المعارضة السورية على مدار السنتين والنصف مع عمر الحرب السورية، لكن المعارضة المدعومة تركيا وخليجيا لم تعطهم شيئا من حقوقهم.

اليوم يعيد الأكراد حساباتهم لا سيما العسكرية، قبل ايام معدودة أكد عبد الحميد درويش الامين العام للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية توصل الفصائل الكردية الى اتفاق مع الائتلاف الوطني السوري المعارض يفضي إلى عودة قوات الجانبين الى المواقع التي كانت تحت سيطرتها وتبادل الأسرى، مؤكدا رفض الفصائل الكردية السماح لقوات المعارضة السورية بدخول المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، قائلا ان هذه المناطق لا تخضع لسيطرة القوات الحكومية السورية، وبالتالي لا داعي لوجود قوات الجيش الحرفيها.

الإئتلاف يعيد حساباته لجهة الأكراد، لكنه لا يستطيع تقديم أي شيء لهم، ولا يستطيع فرض أي شيء على جبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية، والاتفاق بين الأكراد والإئتلاف ليس إلا محاولة من الأخير لتبييض ماء وجهه بعد أن فشل تعيين الكردي عبد الباسط سيدا رئيسا للمجلس الوطني في ذلك، فالحرب في سورية اليوم مع القاعدة، والأكراد على اختلاف توجهاتهم يدركون ذلك جيدا، فالمصلحة تتطلب تحالفات موضوعية بعيدا عن العواطف والخطابات الرنانة.

إلياس مارديني – روسيا اليوم

 

 

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

خالد بركات : قصة السلحفاة والأرنب

بعد مرور أسبوع على سقوط نظام الطاغية الأسد، الأحداث تتسارع على مدار الساعة في العاصمة ...