حدد اتحاد الديمقراطيين السوريين المحاور الأساسية التي تمثل رؤيته لمؤتمر جنيف-2 وأسباب نجاحه. وسرد عبر ورقة توضيحية الرأي الشعبي في المؤتمر ونظرة المجتمع الدولي، اضافة إلى تعنت النظام السوري وأسباب بقائه ورفضه عمليًا لجنيف-2، واعتبره سببًا في نمو التطرف.
أكد اتحاد الديمقراطيين السوريين في ورقة توضيحية مطولة أن إعادة هيكلة وبناء الجيش السوري الحر شرط نجاح أي حل سياسي يحقق مصالح وتطلعات الشعب، “خاصة وأن التبعثر العسكري الراهن لم يعد ينتج غير انتصارات نادرة ومحدودة وهزائم كبيرة ومكلفة، بعدما نمت فيه ظواهر قاتلة، مثل ظاهرة أمراء الحرب، ذلك النمط من التنظيمات الجهادية الذي يقاتل الجيش الحر، ويخرجه من المناطق التي حررها، ويقوض قدرته على مواصلة المقاومة، ناهيك عن تحقيق الانتصار. واعتبر الديمقراطيون أن الشعب لا يؤيد معارضة منقسمة متصارعة، يتلاعب الخارج بخلافاتها ويشل قدراتها.
وفد موحد
برأي الديمقراطيين، “للخروج من هذه الحال المزرية يجب أن تبدأ المعارضة في أقرب فرصة حوارًا مُعلنًا بين أطرافها، تشارك فيه قطاعات الشعب المختلفة، يسوي ما بينها من مشكلات، ويفضي إلى تشكيل وفد موحد إلى جنيف، يتبنى وجهة نظر موحدة “.
ولفت إلى أنه “لا بد من المبادرة فورًا إلى إجراء حوارات صريحة بين أطراف المعارضة، وتقديم ما يجب تقديمه من تنازلات متبادلة بين اطرافها، لا تمس بالمصلحة الوطنية العليا للثورة، أو تكبح فرص وصول المتحاورين إلى مواقف مشتركة وملزمة، تكتمل بها استعادة القرار الوطني المستقل، ووحدة مفقودة في الموقف الوطني المعارض”.
وحذر الديمقراطيون من تعرض الجيش الحر لعملية قضم مستمر على يد تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية.
ماذا لو؟
وتساءل اتحاد الديمقراطيين السوريين: “هل سينجح جنيف-2 في حال عارضته هذه التنظيمات المتطرفة المتعاظمة القوة والتوطن في سوريا ولاقتها في منتصف الطريق مواقف النظام الرافضة للحل السياسي؟ وما الذي ستفعله الولايات المتحدة وروسيا حتى لو نجحت في عقد مؤتمر جنيف -2، في حال تمّ اتفاق بين المعارضة والنظام، لكن التنظيمات الجهادية حالت دون تطبيق ما يتم التوصل إليه؟ هل سترسل قوات دولية لتنفيذه بالقوة؟ وماذا سيكون ردّ فعلها إن جوبهت بمقاومة مسلحة؟ هل ستحارب وتحتل البلاد وتقيم فيها قواعد دائمة، أم ستنسحب تاركة وراءها صراعًا مفتوحًا، يمزق ما بقي فيها من لحمة ومجتمع”.
أضاف الديمقراطيون: “في الحالتين، يكون جنيف -2 بوابة اتفاق غير مضمون دوليًا ومهدد داخليًا، وخطوة على طريق انهيار عام يدوم منذ عامين ونصف ، وقد يتواصل بعد الفشل إلى ما شاء الله”.
النيات لا تكفي
وأيّد اتحاد الديمقراطيين السوريين حلًا سياسيًا عادلًا، يوقف نزيف الدم والقتل والهدم والتهجير، ويحقق مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة، لكنه رأى أن فرص نجاح جنيف -2 ستكون ضعيفة إن لم تكن معدومة، بسبب مجمل الظروف الخارجية والداخلية السائدة الآن، وليس فقط لأن النظام سيذهب إلى المؤتمر كي يفشله، من خلال تكتيكات وألاعيب يتقنها، بل بالدرجة الأولى لأن النواقص والعيوب الهيكلية لا تسمح بإقامة ميزان قوى يحقق تطلعات وطموحات الشعب السوري. وشدد على أن نتائج التفاوض لا تتعين بالنوايا الحسنة، بل بموازين القوى الملموسة القائمة على الأرض، وهي ليست اليوم لصالح الثورة.
وأكد الديمقراطيون أن هناك أسئلة كثيرة في هذا التشابك السياسي، شديد التعقيد، تتوفر لها أجوبة صحيحة كلاميًا، لكنها ستبقى عديمة الجدوى إذا لم تجد طريقها إلى الواقع، وتترجم إلى أفعال.
غلطة أو جريمة؟
واعتبر الديمقراطيون أن هناك أسئلة من قبيل: “هل يمكن أن تدفع المفاوضات الولايات المتحدة الأميركية والبلدان الغربية الأخرى والعالم العربي إلى تبني هدف السوريات والسوريين، وممارسة ضغوط كافية على الروس والسلطة كي يقبلا تطبيق جنيف -1، بدءًا بتنفيذ بنوده، مرورًا بجسم الحكم السياسي الكامل الصلاحيات، وصولًا إلى إقامة النظام الديمقراطي البديل؟ لأن هذا الخيار سيكفل إنهاء صراع قد تفلت خيوطه من أيدي الجميع، من مصلحة العالم وقفه”.
أضافوا: “إننا إذا ما نظرنا إلى الحال الحاضرة، وجدناها مليئة بنواقص يفضي التعايش معها أو قبولها إلى حل سياسي لا يلبي طموحات الشعب السوري، ما يجعل الذهاب إلى جنيف-2 غلطة كبيرة، أما إذا نظرنا إلى النتائج التي يمكن أن تترتب على غياب المعارضة عن جنيف-2، ومنها اتفاق اميركي روسي على حلّ لا يسهم المعارضون فيه، ويكون لمصلحة روسيا والنظام، وجدنا أن الغياب جريمة لأنه سينهي الثورة وسيدمر ما بنته من مؤسسات سياسية وعسكرية، وسيعيد الشعب إلى بيت طاعة النظام”.
احباط ألاعيب النظام
وقال الديمقراطيون: “إن كان القرار هو الذهاب إلى جنيف-2، يصير من الضروري جدًا بدء إصلاح يزيل العيوب القاتلة التي تعاني الثورة منها، سياسيًا وعسكريًا، بالتلازم مع العمل لتشكيل وفد موحد”.
واقترح الديمقراطيون أن يتبنى الوفد رؤية واضحة وموحدة للحل، وأن يتمتع بغطاء شعبي واسع وغطاء عربي ودعم دولي صريحين، ويتمسك بنص جنيف-1، ويحبط ألاعيب النظام. وحضّت الورقة المطولة على قيام الوفد المفاوض بزيارات عمل إلى عديد من الدول، يشرح خلالها وجهة نظره، ويوضح مخاطر المواقف الرخوة، ويقرب وجهات نظر اللاعبين الدوليين من وجهات نظر الثورة والشعب، “فإن نجح المؤتمر في الوصول إلى حل سياسي، وتطبيق وثيقة جنيف-1، كان خيرًا وبركة، وإذا لم ينجح غادره وفدها وظهره مغطى بوحدتها، وبالإصلاحات التي تجريها على أوضاعها، وبثقة شعبها بها، ودعم العرب والعالم لدورها الإيجابي”.
أضاف: “عندئذ لن تستمر في الصراع ضد النظام من موقعها الحالي، بل ستواصله من موقع جديد، يتيح لها تخطي أخطائها، وما تحققه من انتصارات على الأرض يحرزه شعبها الموحد وراءها وجيشها الوطني المعزز بتأييد العرب والدول الصديقة، التي لن يبقى لديها من خيار غير الموافقة على إسقاط النظام”.