أكد أميركيون ممن التقوا الرئيس باراك أوباما أخيرا أنه يتوقع ان يعزز الرئيس السوري بشار الاسد وضعه على الارض، وان يستعيد السيطرة على بعض المناطق التي خسرها على مدى الاعوام الثلاثة الاخيرة، لكن ذلك سيكون بمثابة «نهاية المطاف» له.
ونقل هؤلاء عن أوباما اعتقاده ان الاسد، في مرحلة ما بعد سيطرته على بعض مناطق الثوار، سيواجه معضلتين: الاولى تكمن في انه سيجد نفسه مرغما على التعاطي مع «اكبر كومة من الانقاض في تاريخ الشرق الاوسط المعاصر».
وفي هذا الاطار، يشير هؤلاء نقلا عن الرئيس الاميركي الى أن لبنان، على سبيل المثال، احتاج لمليارات كثيرة لاعادة بناء جزئية للبنية التحتية ومرافق الدولة بعد نهاية حربه الاهلية في العام 1990. اما سورية، فهي اكبر بكثير، والدمار الذي عانته اوسع، وعدد المهجرين يفوق نصف عدد السكان.
المعضلة الثانية تكمن في ان نظام الاسد، بحسب من التقوا الرئيس الأميركي، لا يتمتع بقوات كافية لفرض سيطرته على كل المناطق، وهو ما اكده علنا السفير الاميركي السابق في سورية روبرت فورد في اول مقابلة ادلى بها بعد خروجه الى التقاعد.
ولقلة عديد قواته، ستبقى المناطق الريفية البعيدة، مثل محافظات دير الزور والرقة والحسكة، خارج سيطرة الاسد. كذلك، يتوقع الاميركيون ان تستمر هذه المحافظات في استنزاف امكانات الاسد وحلفائه، مثل روسيا وايران و«حزب الله»، على مدى السنوات القليلة المقبلة.
وسيكون من شبه المستحيل ان ينجح الاسد في تثبيت الوضع الامني كليا داخل سورية. في احسن الاحوال، سيجد الاسد نفسه في وضع يشبه وضع المالكي الذي لم ينجح في منع التفجيرات في المدن العراقية، ولم تنجح حملاته الامنية في القضاء على معارضيه المسلحين حتى بعد سنوات من المواجهات وعلى الرغم من الامكانات المالية والعسكرية التي يتمتع بها، والتي تفوق بكثير امكانات الاسد.
وينقل البعض عن الرئيس الاميركي قوله ان «الاسد في السنوات المقبلة سيكون مثل صدام حسين بعد حرب (تحرير) الكويت»، اي ان الاسد سيكون معزولا اقليميا ودوليا، و«مثخنا بالجراح التي ستعقد ازماته اكثر وتشغله عن الشؤون الاقليمية»، التي انغمست بها عائلة الاسد على مدى العقود الاربعة الاخيرة.
ويبدو ان أوباما، كما الرئيس السابق جورج بوش الاب، يعتقد ان حاكما ضعيفا خير لبلاده وللمنطقة عموما من الفوضى، وهو السبب الذي دفع بوش الاب الى عدم التوجه الى بغداد للاطاحة بصدام في العام 1991.
كذلك يعتقد أوباما ان ضعف سورية يضعضع من موقف ايران في مفاوضاتها النووية مع العالم. ويقول العارفون بالنقاشات الجارية داخل الادارة ان الايرانيين، منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، وهم يحاولون فتح نقاش حول سورية اثناء جولات المفاوضات النووية، وهو ما يشير الى ان الايرانيين «جاءوا الى طاولة المفاوضات» بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن والعالم، ولكن كذلك بسبب تقهقر حليفهم الرئيسي في العالم العربي، اي الاسد، واعتقادهم ان المفاوضات مع الغرب، مقترنة بدعمهم المالي والعسكري له، ما من شأنه ان ينقذ الرئيس السوري من مأزقه.
هل يعتقد أوباما ان امكانية التوصل الى اتفاق دائم مع الايرانيين حول ملفهم النووي وربما الانفتاح عليهم في وقت لاحق تؤثر في حظوظ الاسد؟ ينقل ممن التقى أوباما انه «لو حصل ذلك، تتغير كل الحسابات في المنطقة، ويكون علينا وقتذاك اعادة النظر بجزء كبير من سياساتنا ومواقفنا».