أحمد سليمان في كليستان : يلقي الضوء على الواقع الكردي في سوريا

Share Button

كليستان تجري لقاءاً صريحاً و مطولاً مع أحمد سليمان يوضح فيه أبرز القضايا على الساحة الكردية – الجزء الأول
خاص كليستان: تشهد الأوضاع في غربي كوردستان هذه الأيام تطورات هامة من شأنها أن تحدد مصير الكورد في1476585_261209307366783_543916488_n سوريا التي تشهد صراعاً دموياً منذ حوالي ثلاثة أعوام، و خاصة مع اقتراب موعد مؤتمر جنيف2، و حول المشاركة الكوردية في هذا المؤتمر وتراجع دور المجلس الوطني الكوردي و أسباب تعطيل الهيئة الكوردية العليا و العلاقات بين المجلسين الكورديين، أجرى موقع كليستان لقاءاً خاصاً مع أحمد سليمان الناطق باسم الهيئة الكوردية العليا و عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي في سوريا سيتم نشره على جزئين فيما يلي نص الجزء الأول:

– كليستان: وجد الشعب الكوردي في تشكيل الهيئة الكوردية العليا أملاً كبيراً في تحقيق طموحاته و حقوقه في ظل هذه الأوضاع الحساسة و بنى عليها آمالاً كبيرة، إلا أنه اصيب بخيبة أمل مع تعطيل الهيئة، برأيكم ما هي الأسباب الحقيقية التي حالت دون تنفيذ اتفاقية هولير و تعطيل الهيئة الكوردية العليا؟

– السبب الأول برأيي، و بناء على تجربتي في الهيئة الكوردية العليا، أود التأكيد أن بالرغم من أهمية مضمون اتفاقية هولير، و التي كانت ستضمن وتحافظ على مصالح شعبنا الكوردي في ما لوتم تفعيل بنود هذه الاتفاقية و كان الدور الكوردي سيكون أكثر تقدماً سواء على صعيد المنطقة الكوردية أو على الصعيدين الوطني السوري و الإقليمي ، إلا انني أعتقد بأن أحد الأسباب التي اصبحت مشكلة أمام تنفيذ هذا الاتفاق هي الاتفاقية بحد ذاتها، لأنها لم تراعي امكانات الطرفين (المجلس الوطني الكوردي و مجلس الشعب لغربي كوردستان) و ما اذا كان المجلسان قادران حقاً على تنفيذ بنودها، و قد ضمت الاتفاقية مطالب ورغبات الطرفين و ليس قدرتهما و امكاناتهما، و بالرغم من أهمية هذه المبادئ التي اعتمدتها الاتفاقية، ؟ لذا برأيي أن بنود الاتفاقية كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء تعطل عمل الهيئة الكوردية العليا..

أما السبب الثاني، فأعتقد أن الأطراف التي وقعت هذه الاتفاقية وجدت نفسها محرجة أمام رغبة رئاسة الإقليم في المضي بهذه الاتفاقية، لذلك لم تستطع أن تبدي رأيها بوضوح و لم يستطيعوا ترجمة ذلك الرأي في بنود الاتفاقية، و لكنها ميدانياً عملت وفق رأيها و لم تتجاوب مع الاتفاقية..

أما السبب الثالث يعود برأيي إلى أن المجلس الوطني الكوردي و نظراً لكونه مجلساً سياسياً بطابعه و بني على أساس تكوين رأي سياسي و ليس للعمل و النشاط الميداني و خاصة بعد الأوضاع التي تطورت في المناطق الكوردية و انحسار دور مؤسسات النظام فيها، لذلك لم يستطع المجلس الوطني الكوردي أن يواكب هذه التطورات خاصة مع وجود فروقات بين امكانات أحزاب المجلس .. فقد تم بناء المجلس الوطني الكوردي ككتلة سياسية تم قبول جميع الأحزاب بشكل متساو في هيكلته و كان أمراً مقبولاً حينها و لكن بعد بروز الحالة العملية و الميدانية لم تقر تلك الاحزاب التي لا تملك الإمكانات للدخول في هذه الساحة بعدم قدرتها على العمل ميدانيا و لم تسعى لإنجاح عمل المجلس ميدانيا ولم تتصرف لمساندة جهود المجلس كل حسب طاقاته و إمكاناته و بدلاً من ذلك أصروا على إن الجميع متساوي و بالتالي عرقلة أي عمل ميداني عملياً …

أما السبب الرابع، أن مجلس الشعب لغربي كوردستان وبالرغم من كونه مجلساً يضم هيئات و مؤسسات و شخصيات إلا انه يعمل كحزب سياسي ذات توجه و رأي واحد و جمع جماهيره من حوله، إضافة لقيامه ببناء مؤسسة عسكرية أعطت زخماً قوياً لقراراته، و بدلاً من أن يعمل مجلس الشعب لغربي كوردستان لتكون تلك القوة في خدمة التعاون المشترك بين المجلسين، إلا أنه تصرف على أساس انه يملك قوة عسكرية بينما المجلس الآخر لا يملكها، و لم يتصرف بعقلية الشريك إنما بعقلية من يريد المنافسة من خلال الهيمنة على القرارات و النشاطات الميدانية، و هذه الأمور لم تكن ظاهرية في عمل الهيئة الكوردية العليا، إنما كانت تلك العقلية واضحة خلال العمل الميداني و سببت عائقاً كبيراً خاصة و إن الطرف الآخر كان يبدو كطرف قاصر و غير متكافئ و هو ما لم يخلق حالة من الارتياح في العمل المشترك.. و اعتقد أن الهيئة بقراراتها وبأشخاصها كانت بعيدة عن تلك العقلية، و لكن تنفيذ آليات القرار كانت لدى مجلس الشعب لغربي كوردستان باتجاه فرض هيمنته وفق رؤية حزب تعلم أن يعمل لوحده بعيداً عن مبدأ الشراكة مع الآخرين .. و نحن الطرفان لم نستطع أن نتعامل مع هذا التحدي و نقف على الأخطاء و معالجتها و أن نقر بأن هذه الأخطاء تعرقل عمل الهيئة، كما لم يقيم الطرفان هذه التجربة بشكل سليم و بالتالي كانت المحصلة إن الهيئة بدت عاجزة عن أداء مهامها…

كما أن هناك عوامل خارجية يأتي النظام السوري في مقدمتها ..فقد عمل النظام السوري جاهداً لجعل القرار الكوردي ضعيفاً، رغم أن النظام باعتقادي لم ينزعج من تشكيل المجلس الوطني الكوردي لاعتقاده خلال تلك المرحلة بأن بناء المجلس سيكون قادراً على السيطرة على القرار الكوردي و لم يرد التصادم مع الكورد، و النظام يعلم من طبيعة الحركة السياسية الكوردية أنها لا تريد بدورها هذا الصدام ورغم تأكيدها على كونها شريكة أساسية في الثورة السورية إلا أنها كانت متأنية في خطواتها نتيجة التجربة التي عاشتها و عدم استعدادها لتكون ضحية كل القضايا، و التزمت الحركة الكوردية بمصالحها و خصوصيتها القومية ، و هي تعلم تمام اليقين أن الشركاء الآخرين من المكونات الأخرى في المناطق الكوردية و خاصة المكون العربي من المحسوبين على النظام و كانت الحركة الكوردية تخشى من أن يتحول الصراع في منطقتها إلى صراع كوردي مع بقية المكونات و هو ما سيأزم الوضع الكوردي و يؤثر سلباً على الثورة السورية ، لهذا اعتقد بأن ممارسات و أدوات النظام سواء داخل المجلس الوطني الكوردي أو مجلس الشعب لغربي كوردستان كانت سبباً في عرقلة عمل الهيئة الكوردية العليا من خلال طريقة تعامله مع الملف الكوردي.

العامل الكوردستاني ..
العامل الثاني هو مصادرة القرار الكوردي من قبل الأطراف الكوردستانية التي كان لها دور مهم في بعض المراحل ودفعت بالأطراف الكوردية إلى تعزيز حالة التفاهم بين الكورد في غربي كوردستان، و لكنها بنفس الوقت مع مرور الوقت و مع بروز أية حالة تناقض بين الأطراف الكوردستانية كان ينعكس على عمل المجلسين الكورديين و الهيئة الكوردية العليا و لتصبح الأطراف الكوردية جزء من ذلك التناقض و الصراع و حتى أحيانا بين أطراف المجلس الوطني الكوردي نفسه حيث كان الخط البياني لهذه العلاقة واضحة جداً…

العامل الثالث هو العامل الإقليمي حيث عملت بعض القوى الإقليمية بل وحتى الدولية التي تريد استمرار حالة الصراع داخل سوريا و التي وجدت في تشكيل الهيئة الكوردية العليا التي وحدت الخطاب الكوردي و عززت من دوره في الحالة الوطنية السورية و القومية خطراً على مصالحها، فحاولت جره نحو حالة الاستقطاب الداخلي في سوريا و عملت من اجل زرع حالة الشقاق و الخلاف بين أطراف الحركة الكوردية …

أما العامل الأخير الذي أرى انه لعب دورا هو مستوى قيادات الحركة الكوردية في المجلسين الكورديين التي لم تصل لمستوى التحديات التي تواجه الحركة الكوردية و لم تستطع تلك القيادات السيطرة على حالة التناقض فيما بينها و الارتقاء نحو المصلحة العليا للشعب الكوردي.

– كليستان: مع حالة الاستقطاب التي تشهدها المنطقة، هل كانت مواقف القوى الكوردستانية من تطورات الأوضاع في غربي كوردستان لغايات مصالح تلك القوى، أم أنها تلك التأثيرات ناتجة عن ضغوط إقليمية مارستها بعض الدول المؤثرة في الوضع السوري؟

العامل الكوردستاني لم يكن له وجود في بداية الثورة السورية، و العلاقة معها بدأت بعد تشكيل المجلس الوطني الكوردي، و عدم مشاركة PYD في المؤتمر الوطني الكوردي كانت له أبعاد سياسية، و لا علاقة له بمسألة الحصص أو المقاعد التي خصصت له في المؤتمر، و اعتقد بأنه كان تحت تأثير موقف حزب العمال الكوردستاني الذي له حضور في الساحة السياسية الكوردية من خلال أنصاره و مؤيديه و شبكة علاقاته الإقليمية، لأنه يمتلك مشروعاً إقليميا، من جانبها فان حكومة إقليم كوردستان و رغم وجود قرار من الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكوردستاني و الحزب الديمقراطي الكوردستاني بأن يدير رئيس الإقليم الملف الكوردي في غربي كوردستان، و لكن صُبغت تلك العلاقة مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني و هي بدورها لم تكن معزولة عن العلاقات الإقليمية و توجهاتها للدور الكوردي داخل ملف الأزمة السورية و توازناتها.. و كانت الضغوطات تمارس على تلك الأطراف الكوردستانية بحسب تلك الرغبات الإقليمية …و طبيعة العلاقات بين الأطراف الكوردستانية ليست قائمة على التفاهمات حتى اليوم.. إذ لا تزال هناك تناقضات بين أطرافها و لديها نزعة نحو ممارسة بعض أشكال الهيمنة، و لا تزال هناك صراعات قائمة بينها على النفوذ، فالعامل الذاتي الكوردستاني كان احد الأسباب وراء تعطل عمل الهيئة الكوردية العليا، و لكن العامل الإقليمي كان له الدور الأساس في ذلك.

المجلس الوطني الكوردي يواجه تحدياً كبيراً
-كليستان: كيف تقيمون أجواء المجلس الوطني الكوردي و هو على أبواب مؤتمره الثالث، و كيف تعللون أسباب فشل المجلس ميدانيا ؟

كافة الأطراف المنضوية في المجلس الوطني الكوردي وصلت إلى قناعة بأن المجلس فشل في خلق حالة الارتياح بين تلك الجماهير من خلال طرح مشروع واضح لتلك الجماهير التي وقفت إلى جانبه و ساندته… كما انه أثبت من خلال التجارب التي مرت عدم استطاعته أن يكون شريكا حقيقيا على الساحة الكوردية، فهيمنة الطرف الآخر على الساحة الكوردية هو دليل على فشل المجلس الوطني الكوردي، فالمجلس تأسس قبل مجلس غربي كوردستان و شكل لجانه قبل تشكيل لجان غرب كوردستان، و لكننا وجدنا أن الطرف الآخر طور من أداءه بينما مجلسنا تراجع، و ربط الأمر بوجود ظروف ساعدت الطرف الآخر و أن هناك واقع تسليمهم إياه ليست بحجة، إنما التناقضات التي وجدت داخل المجلس الوطني الكوردي و صراعاته الحزبية كانت أحد الأسباب التي أدت إلى عدم انجاز مهامه .. و بكل الأحوال فان المجلس و حتى الآن و رغم حالة الضعف التي يمر بها و التي أشعرتنا حتى كحزب في يوم من الأيام بأن حل المجلس أفضل من وجوده، إلا أن وجود شكل من أشكال التجمع الكوردي يسهل من تجاوز بعض الإشكالات خلال مراحل معينة عندما تفرض وجودها .. و باعتقادي إن الأطراف والأحزاب الكوردية كلها تواجه تحديا كبيرا، فإما أن يوفر المجلس الحد الأدنى من التفاهم و التوافق سياسيا و تنظيميا حتى يتمكن من عقد مؤتمره، أو نتجه نحو أن يصبح المجلس مجلسان، و اذا ما حصل ذلك فلن يبقى معنى لوجود أية مجالس، ربما يرغب الاتحاد السياسي أن لا توجد بعض الأطراف داخل المجلس .. و بعض الأطراف الأخرى تدعو أن يخرج المجلس من هيمنة ذاك الطرف، و هذه التناقضات برزت مع تشكيل المجلس الذي لم يستطع أن يكوًن سياسة واحدة .. كما توجد بعض الأطراف المبنية مصالحها أساسا على التناقضات بين الأطراف الكوردستانية … إضافة لوجود أطراف داخل المجلس ترى أن يمارس المجلس سياسة مناقضة لسياسة مجلس غربي كوردستان و تجد نفسها مقربة من الائتلاف و ليس المعارضة، فلا يوجد أي طرف كوردي لا يؤمن بوجود علاقات ضرورية مع أطراف المعارضة السورية لان الكورد هم جزء منها بالأساس و أن وحدة المعارضة هي من مصلحة الشعب السوري و ثورته، والكل متفق على هذا الأمر، و لكن يوجد طرف يرى بأن هذه العلاقة يجب أن تكون مع طرف واحد من المعارضة، و نحن لسنا جميعا متفقين حول هذا الأمر، فحتى تقييمنا لأطراف المعارضة هي أحدى تناقضات أطراف المجلس الوطني الكوردي و قد يكون هذا أمرا طبيعيا اذا استطعنا أن نتفهم وجهات النظر هذه و أن نعمل من اجل الاستفادة مع أطراف المعارضة المختلفة و إيجاد حالة من التنسيق بان يكون لنا مكان في مختلف الأطر و ندخلها في خدمة مصلحة شعبنا و لكن مع الأسف لم ننجح و لم نعمل من اجل ذلك ..

لذا فان الإقدام على عقد المؤتمر في هذه الأجواء و من دون إيجاد توافق بين الاحزاب فان دخول المؤتمر قد يسبب مشكلة كبيرة… فكل الأطراف ترى رغم هذا الواقع، أنه يجب الحفاظ على المجلس، و نحن كحزب و رغم انتقادنا الشديد للمجلس و دوره و كيف انه أصبح عاملا معرقلا في الكثير من المراحل ، إلا إننا نجد و انه رغم ذلك فان بقاء المجلس في المحطات الهامة القادمة، بحاجة إلى أن تجتمع الشخصية الكوردية في مجالس سواء أكان في المجلس لوطني الكوردي أو مجلس الشعب لغربي كوردستان لكي تتمثل في مؤتمر جنيف و أن تكون محاورا مع أطراف المعارضة أو على مستقبل سوريا .. و باعتقادي بان اقتراب موعد الاستحقاقات الوطنية كأمر واقع فإننا سنتجاوز الكثير من خلافاتنا.. فبحكم أن السياسة معطلة داخل سوريا عامة و أن الحركة السياسية كلها لا تعرف ماذا تريد و من بينها المعارضة و النظام، بل و حتى المجتمع الدولي نفسه متحير ماذا بإمكانه أن يفعل من اجل سوريا، في مجمل هذه الظروف المحيطة فان ما تمر به الحالة الكوردية قد يعتبر أمراً طبيعيا فنحن لسنا معزولين عن هذا الواقع … فالحفاظ على هذا الواقع الذي قد لا يعتبر مرضيا لنا و لشعبنا و غير معبر عن طموحاتنا، إلا انه و في حال وجود استحقاقات وطنية و دولية فإنها ستكون مرنة حتى على مستوى المجلسين للتعامل معها.

أجرى اللقاء: إبراهيم خليل

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 88 من جريدة التقدمي

  صدر العدد (88) من جريدة التقدمي الشهرية الصادرة عن مكتب الثقافة و الاعلام في ...