افضت المشاورات الاخيرة بين روسيا وأمريكا اثر تأجيل محادثات جنيف ٣ الى التوصل لوقف لإطلاق النار ( الاعمال العدائية ) والذي بدأ العمل به من مساء يوم ٢٦ شباط الجاري والذي نتأمل ان يجد المناخ المناسب لتنفيذه على الارض ويتم التعاون معه بجدية من الأطراف المعنية مباشرة او بشكل غير مباشر .
لاشك في أهمية الموضوع ولكن التعقيدات والمصاعب التي تعترضه تكاد تنبه بالحذر الشديد و تصريحات المسؤلين الأمريكان والروس تشير الى تدني سقف التفاؤل و تصرفات القوى المسلحة على الارض تتردد في تأيدها الصريح والواضح بالموافقة على القرار والتي تنتظر موافقة مموليها وحلفائها الاقليمين والتي بدورها تعيد حسابات الخسارة والربح والتي تحددها التناقضات الإقليمية المعقدة .
ورغم كل ذلك يبقى هذا القرار الحل الذي لا بديل عنه في هذه المرحلة ، وعلى الجميع ان يتنازل عن الكثير مما يعتقد انه يمثل مصالح السوريين بعد الخسارة الهائلة التي اصابتهم وفي مختلف المجالات ، لان المصلحة الحقيقية هي في وقف القتل والحرب في بلدنا ، والبدء بحوار جدي يأخذ الواقع بالاعتبار والذي يدعو الجميع الى الضغط على الجرح لا اللعب به للمزيد من النزف ، وبات الجميع يدرك ان الاهداف التي وضعت في بدايات الثورة السورية، لم يعد ممكنا تحقيقها كما هي، لأن الواقع فرض تقليصا لها لا بل تغيير البعض منها، لهذا على قوى المعارضة اجراء تقييم موضوعي لمآل الأمور ، و تقدير الامكانات المتوفرة ومن ثم تحديد خياراتها خاصة وان فترة الهدنة تعد اختبارا لاعتماد مدى السيطرة على الارض ، و ستتوقف عليها الكثير من تحديات المرحلة اللاحقة من المفاوضات العسيرة والمعقدة ، و لا يخفى ان أولويات التحدي تكمن في توحيد المعارضة في رؤيتها للحل ، وكذلك إقناع حلفاءها بأن إيجاد نوع من التوزان الداخلي، تحتاج بعض التنازلات منهم على صعيد التوازن والصراع الإقليمي ، والتنبه الى عدم الوقوع في فخ النظام وحلفاءه بتحمل فشل نتائج هذه الهدنة العسكرية ، كما حصل سياسيا خلال مشورات جنيف ٣ الفاشلة .
ولا شك ان الكرد وكونهم جزء من المعارضة و ذات خصوصية قومية ، تحتاج الى اعادة نظر في علاقاتها الداخلية من جهة ، و المساهمة بجدية في العمل والتعاون مع الأطراف الدولية لانجاح هذه الهدنة المؤقتة، وتوفير كل الظروف من جانبها في جعلها دائمة ، و مقدمة لحوار سياسي مفتوح على أساس القرارات الدولية ذات الشأن ، والتمسك بدورها الوطني من جهة، و التاكيد على الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي دستوريا، و من أجل شراكة حقيقة في البلاد ، في السلطة والثروة في إطار استحقاقها الوطني العادل والديمقراطي .
احمد سليمان
عضو الهيئة العاملة في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا .
عن موقع ولاتي
٢/ ٣ /٢٠١٦ قامشلو .