<< أيها النبع الغارق في جحيمه >>
في الرابعة و النصف تماماً بعد الظهر بتوقيت الموت أُطلقت أول قذيفة على الأقفال الحارسة لأبواب الجحيم لتتحطم و تُفتح أبواب الجحيم على مصراعيها ، الأبواب المُطلة على الشمال السوريّ ، في الرابعة و النصف و بضع ثوان سقطت أول قذيفة هاربة من أقرانها على مدينة ( سري كانيي – رأس العين ) المدينة الهادئة و المسترخية على كتف الشمال ليستيقظ الجحيم مذعوراً . عناوين و دلالات هاربة من مضمونها اختارها الزعيم التركي رجب طيب أردوغان لاجتياح الشمال السوريّ بذريعة مطاردة الإرهاب و إحياء السلام لاستدراج الدم السوري بعد هدره ببنادق سورية مأجورة لدى تركيا إلى مصيدة ( نبع السلام ) العنوان الغزلي لحملة السلطان العسكرية لينفجر النبع دماً لا سلاماً ، و أيّ سلام يؤتى به على ظهر المدفعية و بطون الطائرات ! النبع الفخ الذي حُفر على عجل لملئه بالدماء السورية ليكون القاتل و المقتول سورياً دون دماء أخرى تنازع دماء السوريين ، انهمرت القذائف على عجل و كأنها في سباق فتكون أول قذيفة تحظى بزهق الأرواح و تقطيع الأجساد هي القذيفة المنتصرة في المرتبة الأولى و هكذا ليعلو صراخ القتلى حتى طغى على صراخ القذائف ، سقطت إحدى القذائف دون أن تنفجر يا لنُبل القذيفة ، القذيفة الوحيدة التي أبرمت ميثاق السلام مع الأرض ليبقى الفراغ هادئاً بعيداً عن ثرثرة الشظايا . لم يتردّد الزعيم التركي في استيراد العناوين الفاتنة لحملاته العسكرية للتحايل على المشهد العام و لإخفاء أطماع تركيا في الشمال السوري ، فقد سبق له أن اختار ( غصن الزيتون ) لاحتلال عفرين و ما أن اغتصبت شجرة الزيتون لم تعد للشجرة بركة و بقي الزيتون يعصر دماً لا بركةً ، إن كانت عناوين الحملات العسكرية بهذا الجمال فماذا بقي للشعراء من عناوين لتتصدر قصائدهم الغزلية ! .
أُمراء فصائل إسلامية مقاتلة في سوريا استدرجهم السلطان إلى تركيا فحلقوا ذقونهم بأدوات حلاقة تركية و خلعوا ستراتهم السوداء ليُلبسهم السلطان بدلات عسكرية على مقاساته لا على مقاسات السوريين فأدخلهم مجدداً إلى سوريا من بوابة الشمال الواسعة الشمال المليء بالمفاجآت تحت اسم ( الجيش المحمدي ) المُرافق للمدافع التركية الجيش الذي لم يتردّد في نحر المسلمين بسيوف مجلخة و تقطيع لحومهم لتُقدم في مأدبة عشاء طازجة على طاولة المراهنات العائدة للسلطان ، فكان أول ضحايا المذبحة الطفل محمد ، جيشٌ مُحمدي يقتل محمداً يا لخيبة الشريعة ، الطفل الذي هيأ نفسه للفرار بجسده فاستعجلت روحه بالرحيل ليبقى الجسد وليمة للأمراء و سلطانهم ، غزوٌ بمباركة أمريكية ، التاجر الأمريكي الذي أودّع بضاعته التالفة على هيئة شعب في خزائن التاجر التركي ، التاجر الذي تخلى عن المقاتلات الكُرديّات ليستندنَ على بنادقهن يوم لا ظلّ إلّا ظلّ الرصاصة فالشمال يسترخي على كتف مقاتلة كُرديّة و كل مقاتلة كُرديّة تسترخي على كتف رصاصاتها ، فإن نام الموت على كتف الحياة سيوقظه الأكراد كي لا ينعم الموت بالنوم مسترخياً فالأكراد ينتظرون الموت في الضفة المقابلة للحياة .